التربية الاسلامية للثانوي التأهيلي

الجذع المشترك أولى باك الثانية باك من كتاب: "في رحاب التربية الاسلامية" حسب المقرر الجديد

الأحد، 12 مارس 2017

مدخل الحكمة: العفو والتسامح

مدخل الحكمة: العفو والتسامح

النص الأول: قال تعالى:

" خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ" سورة الأعراف/199

 النص الثاني: قال تعالى:

" قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97) قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98)" سورة يوسف، الآيتان:97-98
الشروح الأساسية:
- العفو: ما كان سهلاً لا كلفة فيه وهو ما يأتي بدون تكلف
- بالعرف: أي المعروف في الشرع بالأمر به أو الندب إليه
- وأعرض عن الجاهلين: الجاهلون هم الذين لم تستنر قلوبهم بنور العلم والتقوى ، والإِعراض عنهم بعدم مؤاخذتهم على السوء قولهم أو فعلهم
- سوف استغفر لكم ربي: : أجَّلَ الاستغفار لهم إلى آخر الليل أو إلى ليلة الجمعة
المضامين:

1-      فضل الصفح والعفو وترك عتاب القريب إذا أساء
    2- الأمر بالتزام الآداب والتحلي بأكمل الأخلاق ومن أرقها العفو عمن ظلم وإعطاء من حرم، وصلة من قطع
خلاصة:
المحور الأول: العفو صفة رب العالمين وخلق الأنبياء والمرسلين عليهم السلام والمؤمنين الصالحين
1-  مفهوم العفو:
العفو لغة: عفو مصدر عَفَا يَعْفُو عَفْوًا، فهو عافٍ وعَفُوٌّ، والعَفْوُ هو التجاوز عن الذنب وترك العقاب عليه، وأصله المـحو والطمس، وعفوت عن الحق: أسقطته، كأنك محوته عن الذي عليه "انظر: (لسان العرب) لابن منظور (15/ 72)، (المصباح المنير" للفيومي )2/ 419
وقال الخليل: "وكلُّ مَن استحقَّ عُقوبةً فتركْتَه فقد عفوتَ عنه. وقد يكون أن يعفُوَ الإنسان عن الشَّيء بمعنى الترك، ولا يكون ذلك عن استحقاق" مقاييس اللغة لابن فارس (4/ 56)
واصطلاحا:"هو التجاوز عن الذنب وترك العقاب"((تحفة الأحوذي)للمباركفوري (6/ 143)
وهو أيضا:ّ" إسقاط العقوبة عن المذنب المستحق للعقوبة، مع وجود القدرة على إنزالها به"
2- مشروعية التحلي بالعفو:
إن العفو عن العقوبة من الأمور التي دعت إليه الشريعة الإسلامية والأصل في ذلك الكتاب والسنة قال تعالى
:” فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ” البقرة:178.
كما أن العفو عن الناس من أجل ضروب الخير حيث يجوزللإنسان أن يعفو حتى لو ظلم قال تعال
:” وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ” آل عمران :134.
وقال تعالى:
” فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ" آل عمران :159 ففي هذه الآية أمر الله عزوجل رسوله صلى الله عليه وسلم بالعفو وهذا يدل على جواز و مشروعية العفو في ما هو حق للإنسان. ومن السنة عن أنس رض الله عنه قال :”ما رأيت النبي رفع إليه شيء من القصاص إلا أمر فيه بالعفو ” أخرجه أبو داود
3-  مظاهر العفو وحقيقته في الإسلام:
إن العفو اسم من أسماء الله الحسنى الدال على سعة صفحه عن ذنوب عباده مهما كان
شأنها إذا تابوا وأنابوا ومن تجلياته:

أ- العفو صفة من صفات الله : فهو سبحانه الصبور الذي يصبر على ذنب عبده ، فإذا تاب يفرح بتوبته ، وإذا تاب واستغفر عفا عنه ، فالله تعالى عند حسن ظن العبد به.قال سبحانه:
” وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا يفْعَلُونَ” الشورى:23
ب- العفو خلق الأنبياء والرسل عليهم السلام لقد اجتبى الله تعالى الرسل والأنبياء عليهم السلام من صفوة الخلق لأنهم أكرم الناس خلقا، وقد حفلت السيرة النبوية بمواقف العفو ، من بينها موقف سيد الخلق محمد عند فتح مكة لما سأل مشركي قريش المهزومين والمستسلمين":ما ترون أني فاعل فيكم ؟ قالوا:خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم"أخرجه البيهقي وعن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله خاطبهم فقال : أقول كما قال يوسف { لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين } قال فخرجوا كأنما نشروا من القبور فدخلوا في الإسلام.
ج- العفو خلق الصالحين: إن العفو هو السبيل للصلح بين المتخاصمين، ووسيلة لإصلاح حال المسيئين، وفرصة لكي ينتبه إلى حال نفسه، ويستيقظ من غفلته، ولهذا فلا يعفو إلا من انطبعت نفسه عليه وفاض قلبه بالكرم والسخاء، قال تعالى:” وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِالشورى/37
 المحور الثاني: مفهوم التسامح وفضله وأثره:

مفهوم التسامح:

- التسامح لغة أصله السماح والسماحة وهما الجود ، وسمح وأسمح إذا جاد وأعطى عن كرم وسخاء، وسمح لي فلان أي أعطاني، وسمح لي بذل : وافقني على المطلوب،والمسامح : المساهلة، وتسامحوا  تساهلوا، وسمح وتسمح : فعل شيئا فسهل فيه،وقولهم: الحنفية السمح : ليس فيها ضيق ولا شدة(ابن منظور/ لسان العرب/ مادة سمح).

- أما التسامح اصطلاحا فهو قبول الاختلاف، والإقرار بالتعدد (العرقي،السياسي،الديني ،المذهبي،الحضاري..)

2- فضل التسامح وأثره:
لقد حث ورغب الرسول في التسامح فقال:”رحم الله رجلا سمحا إذا باع ، وإذا اشترى وإذا اقتضى”صحيح البخاري وهذا الحديث فيه الحض على السماحة في المعاملة واستعمال معالى الأخلاق وترك المشاحة والحض على ترك التضييق على الناس في المطالبة وأخذ العفو منهم فالله يحب سمح البيع سمح الشراء سمح القضاء فهو يدخل صاحبه الجنة
3- يوسف عليه السلام المتسامح الكريم:

لقد ضرب يوسف عليه السلام النموذج الراقي في التعامل مع المسيء معه وهم إخوته ، حتى قبل أن يعرفوه حيث أكرم وفادتهم وأحسن ضيافتهم ، ووفى لهم الكيل قال سبحانه:”وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ ” سورة يوسف /59
ثم سامحهم بعد أن عرفوه ، وتجاوز عنهم فقال سبحانه :” قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ” سورة يوسف/ 92
فالسعيد من تخلق بخلق سيدنا محمد واقتدى به وبهديه واتبع سبيل الأنبياء والمرسلين عليهم السلام ، وتحلى بخلق العفو والتسامح، فالعفو التسامح من غنى النفس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق